عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ".
أخرجه البخارى (1/36 ، رقم 66) ، ومسلم (4/1713 ، رقم 2176) ، والترمذى (5/73 ، رقم 2724) وقال : حسن صحيح. و ابن حبان (1/286 ، رقم 86). قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري بشرح صحيح البخاري":
(فَوَقَفَا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ : عَلَى مَجْلِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ " عَلَى " بِمَعْنَى عِنْد. (فَأَوَى إِلَى اللَّه فَآوَاهُ اللَّه) وَمَعْنَى أَوَى إِلَى اللَّه لَجَأَ إِلَى اللَّه وَمَعْنَى فَآوَاهُ اللَّه أَيْ: جَازَاهُ بِنَظِيرِ فِعْله بِأَنْ ضَمَّهُ إِلَى رَحْمَته وَرِضْوَانه. وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الْأَدَب فِي مَجَالِس الْعِلْم وَفَضْل سَدّ خَلَل الْحَلْقَة كَمَا وَرَدَ التَّرْغِيب فِي سَدّ خَلَل الصُّفُوف فِي الصَّلَاة وَجَوَاز التَّخَطِّي لِسَدِّ الْخَلَل مَا لَمْ يُؤْذِ فَإِنْ خُشِيَ اُسْتُحِبَّ الْجُلُوس حَيْثُ يَنْتَهِي كَمَا فَعَلَ الثَّانِي. وَفِيهِ الثَّنَاء عَلَى مَنْ زَاحَمَ فِي طَلَب الْخَيْر
(فَاسْتَحْيَا) أَنَّهُ اِسْتَحْيَا مِنْ الذَّهَاب عَنْ الْمَجْلِس كَمَا فَعَلَ رَفِيقه الثَّالِث. (فَاسْتَحْيَا اللَّه مِنْهُ) أَيْ: رَحِمَهُ وَلَمْ يُعَاقِبهُ. (فَأَعْرَضَ اللَّه عَنْهُ) أَيْ : سَخِطَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ ذَهَبَ مُعْرِضًا لَا لِعُذْرٍ هَذَا إِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُنَافِقًا وَاطَّلَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَمْره كَمَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"فَأَعْرَضَ اللَّه عَنْهُ" إِخْبَارًا أَوْ دُعَاء. وَإِطْلَاق الْإِعْرَاض وَغَيْره فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى عَلَى سَبِيل الْمُقَابَلَة وَالْمُشَاكَلَة فَيُحْمَل كُلّ لَفْظ مِنْهَا عَلَى مَا يَلِيق بِجَلَالِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى . وَفَائِدَة إِطْلَاق ذَلِكَ بَيَان الشَّيْء بِطَرِيقٍ وَاضِح. وَفِيهِ جَوَاز الْإِخْبَار عَنْ أَهْل الْمَعَاصِي وَأَحْوَالهمْ لِلزَّجْرِ عَنْهَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدّ مِنْ الْغَيْبَة وَفِي الْحَدِيث فَضْل مُلَازَمَة حَلَق الْعِلْم وَالذِّكْر وَجُلُوس الْعَالِم وَالْمُذَكِّر فِي الْمَسْجِد وَفِيهِ الثَّنَاء عَلَى الْمُسْتَحِي. وَالْجُلُوس حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِس
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا".
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّىَ الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ أَحَبَّ الكَلامِ إِلَى اللهِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ: سُبْحَانَكَ اللَهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَإِنَّ أَبْغَضَ الكَلامِ إِلَى اللهِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَجُلِ: اتَّقِ اللهَ فَيَقُولَ: عَلَيْكَ نَفْسكْ.
تقبلوا تحياتي ود كرمة